أكد العلماء أن الضوء الاصطناعي هو أحد الأسباب الكامنة وراء ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الثدي عند النساء.
وقال الباحثون إن النساء اللواتي يعملن في دوام ليلي هنّ أكثر عرضة لسرطان الثدي من غيرهنّ، على رغم عدم التوصل إلى إثباتات واضحة في هذا المجال.
لكن التجارب التي أجريت على الفئران أكدت أن التعرض الطويل الأمد للضوء الاصطناعي- خلال الليل والنهار على حد سواء- قد يسبب السرطان.
وأظهرت الدراسة أن التعرض الليلي للضوء الاصطناعي من دون وجود ضوء طبيعي البتة حفّز نمو الأورام في الثدي من خلال قمع مستويات هرمون الميلاتونين الأساسي. كما تبيّن أن الفترات الممتدة من الظلمة خلال الليل تبطئ نمو هذه الأورام.
ويفسر ذلك الارتفاع الكبير في سرطان الثدي في الدول الصناعية، حيث يعتبر خطر التعرّض لسرطان الثدي خمس مرات أكثر مما هو في الدول النامية. وتوحي هذه النتائج بأن ازدياد الاستعمال الليلي للإنارة الكهربائية، سواء في المنزل أو في مكان العمل، قد يكون عاملاً مهماً وراء سرطان الثدي.
فالضوء الاصطناعي يقمع إنتاج الميلاتونين في الدماغ، علماً أن الميلاتونين هو هرمون يساعد في تنظيم دورات النوم والاستيقاظ عند الشخص.
وبات معلوماً أن العديد من الأورام تعتمد في نموها على مادة مغذية اسمها حمض اللينوليك، وهو حمض دهني أساسي. غير أن الميلاتونين يعيق قدرة الورم على استعمال حمض اللينوليك كعلامة للنمو.
تجدر الإشارة إلى أن العلماء توصلوا إلى هذه الاستنتاجات بعد حقن خلايا سرطانية من الثدي البشري في الفئران. وجرى من ثم ضخ عينات دم من نساء يتمتعن بصحة سليمة في الأورام النامية. وكانت العينات قد أخذت من النساء في ثلاثة ظروف مختلفة: خلال النهار، خلال الليل بعد ساعتين من الظلام الدامس، وخلال الليل بعد التعرض لمدة 90 دقيقة للضوء الاصطناعي الساطع.
تبين أن الدم الغني بالميلاتونين المأخوذ من نساء كنّ في الظلام الدامس أبطأ جداً نمو الأورام. أما الدم المأخوذ من نساء تعرضن للضوء الاصطناعي فاحتوى على ميلاتونين تالف وحفّز نمو الورم. هكذا، أكد الباحثون أن الميلاتونين يؤثر بقوة في الساعة البيولوجية الداخلية للجسم التي تنظم دورة النوم والاستيقاظ وحرارة الجسم.
وتتزايد الأدلة التي تؤكد أن إحداث الخلل في الساعة البيولوجية للشخص يرتبط بالسرطان، إذ يمكن لهذا الخلل أن يحفز نمو الأورام.
إذا نجحت الدراسات المستقبلية في توكيد الرابط الموجود بين نمو الورم والضوء، قد يفضي ذلك إلى تغيير في أنماط العمل. وقد يجبر صانعو الإنارة أيضاً على ابتكار منتجات أكثر طبيعية وشبيهة بضوء النهار الطبيعي.