تَزَوَّجْتُكِ أَيَّتُهَا الحُريَّة
( نزار قباني )
1
مدخل
وهوَ يَمشي في غَابَةٍ من خَنَاجِرْ ..
أَطلَقوا نارَهُمْ على المُتَنبِّي .
وأراقُوا دماءَ مجنُونِ عَامِرْ .
لو كَتَبْنَا يوماً رسالةَ حُبٍّ ..
شَنَقُونَا على بَيَاض الدَفَاتِرْ
ما بِوُسْع السيَّاف قَطْعُ لساني
فالمَدَى أزْرَقٌ .. وعندي أَظَافِرْ ...
2
كنتُ الرَجُلَ الأوحدَ في التاريخِ ..
فلا أولادَ .. ولا أحفادَ .. ولا ذُرِيَّهْ
كنتُ أميرَ العِشْقِ ..
وكنتُ أُسَافِرُ يوماً في الأحداقِ الخُضْرِ ..
ويوماً في الأحداقِ العَسَلِيَّهْ .. ك
انَ هناكَ العِطْرُ الأَسودُ .. والأمطارُ الأولى ..
والأَزْهَارُ الوحشيَّهْ ..
كانَ هناكَ عُيُونٌ
كان هناكَ شفَاهٌ مُفْتَرِسَاتٌ كَالأَصْدَافِ البحريَّهْ ..
كانَ هنالكَ سَمَكٌ حَيٌّ تحتَ الإبْطِ ،
وثَمَّةَ رائحةٌ بَحْرِيَّهْ ..
كانَ هناكَ ..... تَقْرعُ حَوْلي ..
مثلَ طُبُولٍ إفريقيَّهْ ...
3
إنّي قِدّيسُ الكَلماتِ ..
وشَيْخُ الطُرُقِ الصُوفيَّهْ ..
وأنا أَغْسِلُ بالمُوسيقَى وَجْهَ المُدُنِ الحَجَريَّهْ
وأنا الرائي .. والمُسْتَكْشِفُ ..
والمسكونُ بنارِ الشِعْر الأبديَّهْ .
كنتُ كمُوسى ..
أَزْرَعُ فوق مياهِ البَحر الأحْمَرِ وَرْداً
كنتُ مَسيحاً قبلَ مجيءِ النَصْرَانِيَّهْ .
كلُّ امْرَأَةٍ أُمْسِكُ يَدَهَا ..
4
كانَ هُنالِكَ .. ألفُ امرأَةٍ في تاريخي .
إلا أنّي لم أَتزوَّجْ بين نساءِ العَالمِ
إلا الحُرِيَّهْ ...
وأنا الرائي .. والمُسْتَكْشِفُ ..
والمسكونُ بنارِ الشِعْر الأبديَّهْ .
كنتُ كمُوسى ..
أَزْرَعُ فوق مياهِ البَحر الأحْمَرِ وَرْداً
كنتُ مَسيحاً قبلَ مجيءِ النَصْرَانِيَّهْ .
كلُّ امْرَأَةٍ أُمْسِكُ يَدَهَا ..
تُصْبِحُ زَنْبَقَةً مَائيَّهْ ..
4
كانَ هُنالِكَ .. ألفُ امرأَةٍ في تاريخي .
إلا أنّي لم أَتزوَّجْ بين نساءِ العَالمِ
إلا الحُرِيَّهْ ...
***