دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني عن النار
سافر مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان رديفاً للرسول صلى الله عليه وسلم، فسأله سؤالاً هو أعظم سؤالٍ في تاريخ الإنسانية،
قال: يا رسول الله! المسألة إليك، هل يسأله إمارة أن يؤمره، أو يسأله منصباً
أو أرضاً يحييها، وقد أحيينا الأراضي وأمتنا القلوب، أمتنا قلوبنا فما أحييناها،
ودمرنا بيوتنا فما ربيناها وما علمناها، ما تركنا شعباً إلا وأقمنا فيه قصوراً وبيوتاً، وتركنا قلوبنا وما أقمنا فيها لا إله إلا الله
قال صلى الله عليه وسلم:
{ سل ما بدا لك، قال: دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار }
هكذا يسأل العظماء، والذين يريدون الله والدار الآخرة فيجيبهم صلى الله عليه وسلم
قال: { لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان،
وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟
قلت: بلى يا رسول الله،
قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله،
ثم قال: والصوم جنه -أي: وقاية من النار-
والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى:
{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }
[السجدة:16]
ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك يا معاذ على ملاك ذلك كله؟
قلت: بلى يا رسول الله، قال: كف عليك هذا، وأخذ بلسان نفسه،
فقلت: يا رسول الله! أئنا لمؤاخذون بما نتكلم به،
قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على مناخرهم أو على وجوههم
إلا حصائد ألسنتهم }
وصية جامعة مانعة فحفظها معاذ رضي الله عنه، فكانت في ذهنه دائماً،
ولذلك قدم لنا معاذ أعظم حديث في العقيدة،
يقول: { كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار }
ويا للأعجوبة!
محمد صلى الله عليه وسلم من علم الإنسان، وأيقظ الإنسان، ورباه يركب حماراً، ويردف معه معاذاً