]size=18]كانت صبية في الثامنة عشر
وكل الأحلام تسكن روحها
وقلبها مازال طفلا
كانت تبيع الورد الأحمر
ممشوقة القوام
ذات عينين حالمتين
وخدينِ حمراوين
وشفتان مذاقهما كالسكر
كانت تجوب الشوارع
بثوبها الأحمر
من رآها طار عقله بها
وتعلق فؤاده بخطوها المتبختر
وحلم بأنه ذات يوما سيقطف الرمان
والتفاح والتوت
وسيجلب من فك الوحش
الزمرد والمرجان والياقوت
وسيمضي دون مهابة في الأدغال
ليُقاتل كل وحش
وليكسِر كل ناب
وليُحطم كل عنق
من أجلها
من اجل بائعة الورد
ذات الثوب الأحمر
أميرة هي حسنها لم يوصف بعد
في أي من كتب الأساطير
كل آلهة اليونان القدامى
يحسدونها على جمالها
آه من ذات الثامنة عشر
كيف أنسلت إلى القلوب خلسة
وزرعت فيها بذرة حبها
وكبرت تلك البذرة لتصير عشقا
وغراما وهياما
آه من بائعة الورد
ذات الثوب الأحمر
كيف أسكرت بجمالها من لا يسكر
كيف أطاحت ممالك كل الرجال
وخلعت عنهم تيجانهم
ونزعت ألقابهم
ليصيروا أمامها مجرد أطفال
يلعبون في الحدائق
يقطفون الورود
ويدوسون على العشب الأخضر
يبكون دوما
أن رفضت أن تلعب معهم
لعبة اللصوص والعسكر
آه من بائعة الورد
ذات الثوب الأحمر
كيف تحول من تريد إلى ملاك
من شيطان أزعر
كيف تغسل قلب شيطان من كل الخطايا
وتعيده من الطُهر أطهر
لكنها و يالبرائتها لا تعرف بأن في كل ركنا
هنالك ثعلبا يتربص بها
وهو من المكر أمكر
يريد أن يقطف وردة طهارتها
ويحول لون ورودها الحمراء
إلى اللون الأصفر
آه يا بائعة الورد
ذو الرائحة الأعطر
لو تعلمين بأننا نعيش في عالم شرير
يكره الجمال ويقدس القُبح
ويقترف كل مُنكر
ويقتل كل حُسنً بمنجل أسود
بيد شيطان أعسر
آه يا ذات الثوب الأحمر
آه يا ذات الثامنة عشر
ما زلت صغيرة كي تدركين بأن عالمنا
ثورا هائجا
يكره اللون الأحمر
ما زلت صغيرة كي تدركين بأن عالمنا
لا يرى في اللون الأحمر
سوى الدم والمجزرة
سوى الغدر والمؤامرة
سوى العهر والمقامرة
ولا يرى في هذا اللون
سوى الموت
لا يرى ما ترينه في هذا اللون
لون العشق والغرام
فكفي عن بيع الورد الأحمر
وعودي إلى بيتك يا صغيرتي
حتى لا يغتصبوكِ
كما اغتصبوا الحب والسلام
أو يحولوك إلى حجر صوان
كما حولوا قلوبهم
ويغتالوا فيكِ الأحلام
أهربي
قبل أن تطالكِ يد شيطان كرههم للجمال
فتشوهكِ أيتها الحسناء
وتدنسكِ أيتها الطاهرة
أهربي..
أهربي..
اغتيلت اليوم
بائعة الورد
ذات الثامنة عشرا ربيعا
اغتيلت في برد الشتاء
وراحت ضحية حرب الشيطان الأصغر
[/size]