بعد إقرار الجهات الرقابية أهمية منعهم من دخولها حتى لا يزعجوا العائلات، يعيش الشبان لحظات المغامرة وتحدي الأنظمة في مواجهة قرارات منعهم من دخول المولات "المراكز التجارية"، بعدة حيل تتضمن دفع مبالغ مالية لفتيات في سبيل الدخول أو التحدي ومجادلة حراس الأمن أو الاتجاه للترجي في بعض الأحيان أو الدخول عنوة.

ويرى عالم اجتماع سعودي أن المنع يعزز روح المغامرة والتحدي لدى الشبان، وأن الحل يكمن في "تعزيز الموانع الأخلاقية والنظامية".

وفي إجازات نهاية الأسبوع تبدأ هذه المغامرات إمام بوابات المولات من إزعاج الداخلين والخارجين أو رفع أصوات أجهزة التسجيل أو الوقوف بتجمعات أمام بوابة المول.

ورأى الشاب سعيد العمري أن منع الشبان من دخول المولات ووضع سلطة تقوم بعملية المنع تعتبر من أهم التحديات والأسباب التي تجعل الشبان يتجهون إلى تحدي هذه السلطة ومحاولة تجاوز النظام.

وقال: "إننا نشعر وكأننا فئة منبوذة من المجتمع ونتصرف بناء على ذلك، وهو عبارة عن انتقام منا تجاه القرارات التي يتخذها المجتمع من إيجاد سلطة نظامية تقوم بالمنع". وأضاف أن حيل الشبان وتصرفاتهم ما هي إلا ردة فعل للشعور بالنبذ، إضافة إلى عدم توفير مواقع ترفيهية للشباب يمكن أن يتم قضاء الوقت.

وأوضح أن معظم الشبان يقضون وقتهم على أرصفة الشوارع كما أن القطاع الخاص وما وفرة من مراكز ترفيهية للشباب تحتاج إلى ميزانية خاصة بالترفيه لا تتوفر عند الكثير من الشبان الذين يعانون من ظروف اقتصادية وبطالة فصار دخول المول بالنسبة لنا تحدي وانتقام في ذات الوقت ومحاولة الانتصار على الأنظمة ولفت الانتباه إلى وجودنا كجزء من هذا المجتمع.

وقال حارس الأمن حسن مداوي شرفي: "الشبان يستخدمون حيلاً كثيرة ترهق حراس الأمن في المولات فيصير العمل مضنياً ومتعباً في ملاحقة الشبان ومحاول التخلص من حيلهم التي لا تنتهي، ومنها أن يقول إن أسرتي داخل المول أو أن يطلب مساعدة إحدى الفتيات فيمكن لفتاة واحدة أن تعطي فرصة لدخول عشرة شبان".

وعن آلية العمل قال: "هناك دائماً خلافات مع الشبان ويتم ضبطهم وتسليمهم للأمن الوقائي والدوريات ويتم اخذ محضر، وذلك يتطلب تواجد حارس الأمن في الشرطة كما يتم وضعه في التوقيف وكأنه في خصومة مع الشاب وتتحول القضية في النهاية إلى قضية شخصية ويطلب من حارس الأمن التنازل لتتكرر الحكاية وقد يودع الحارس في التوقيف لثلاثة أيام في الإجازات والخميس والجمعة".

وقال مدير مؤسسة الساهر للحراسات الأمنية بعسير خالد مشعان: "هناك العديد من الحيل لدخول الشبان خاصة بسب التعاون بين الشبان والبنات مقابل شحن جوال أو 50 ريالاً، أو الأصدقاء أو معرفة أحد الأبناء والتنكر في زي امرأة، خاصة عند الدخول من المواقف وعند عدم القدرة على الدخول يتم عمل مشاكل وعنف مع الحراس، وإزعاج لزوار المول وكأنها مول أو حرب مغامرات".

وأضاف مشعان أن المشكلة في بعض التصرفات اللاأخلاقية التي يمكن أن تتم من قبلهم خاصة أن 95% من الموجود في المولات مخصصة للنساء والعائلات، ولكن المفروض احترام العوائل وأن معظم المواطنين يتركون نساءهم وأهلهم في المول في مأمن من الشبان"، مشيراً إلى أن المنع يكون في أوقات وجود العائلات.

وأضاف أن بعض المتسوقات من البنات لهن دور في إثارة الشبان وخاصة في الزي وبعض التصرفات والسلوكيات التي تستفز الشبان. وقال: "أنا مع تحديد مواعيد للعوائل واحترام وقتهم وخاصة في المساء، حيث إن الشبان ليس لهم أي علاقة بما في المولات".
واعتبر أن 95% من إقبال الشبان على المولات للمعاكسات ومضايقة النساء؛ ما يؤكد أهمية إيجاد مواقع خاصة للشبان، حيث إن الشبان وعلى الأرصفة وفي التجمعات يدلل على أنه لا يوجد لهم أماكن تستوعب متطلباتهم وهواياتهم.

وقال إنه فراغ تحول إلى معاكسات وتضييع وقت على حساب راحة الآخرين، وهو وضع محزن أمام بوابات المول؛ ما يتطلب الاهتمام بإيجاد مواقع مخصصة لهؤلاء الشبان.

من جهته أبان عميد كلية العلوم الصحية ورئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الملك خالد الدكتور خالد جلبان، أن منع الشبان من دخول المولات في حد ذاته يرسخ لدى الشبان الاتجاه للتحدي والتجاوز.

وشدد جلبان على أهمية ترسيخ الأخلاق والنظام واحترام متطلبات المجتمع، وقال إنه من الأولى السماح لهم بالدخول، وذلك لأهمية ترسيخ الأخلاقيات العامة لدى فئة الشبان بدلاً من استخدام أساليب المنع بالقوة والسلطة مع أهمية التعامل بحزم على من يخترق أنظمة وقوانين المجتمع.

وأضاف أن يجب الأخذ في الاعتبار أن التعامل مع الشبان والمراهقين لا بد ألا يستفز ما لديهم من مشاعر التحدي والمغامرة بمنعهم من أمر ما لان ذلك سيجعلهم يبحثون عن حلول وحيل لاختراق هذه الممنوعات، والعمل على المول بأي طريقة سواء أكان استخدم في هذه الطريقة الدفع المادي لسيدات في سبيل اختراق سلطة هذه القرارات، أو استخدام أسلوب الحيلة والمغامرة والالتفاف حول المولات بأساليب مختلفة الهدف منها كسر الممنوع واختراق الحواجز الممنوعة وتحديه وليس دخول المول في حد ذاته.

وأكد جلبان على أهمية تعزيز الموانع الأخلاقية والنظامية، فهي عملية فعل وردة فعل فمن حق هؤلاء الشبان دخول المولات وأن يكون لهم مواقع مخصصة داخل المول أو خارجه، كما أن هناك حقوق للمرأة في التسوق داخل أو خارج المول، يجب أن يكون هناك حقوق للشباب، وأن يكون هناك موازنة وعدم ترسيخ مبدأ المنع بالقوة والسلطة، وإنما بإيجاد موانع أخلاقية حتى لا يجبر هؤلاء الشبان على ابتداع الحيل وإرهاق رجال الأمن والقائمين على تطبيق النظام.

وأضاف أن البرامج المقدمة للشباب في المملكة تحتاج إلى دعم من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والبلديات؛ لإيجاد مواقع ترفيهية للشباب تعمل على استيعاب هواياتهم، حيث إن 60% من سكان المملكة دون 30 سنة؛ ما يؤكد أهمية الالتفات لهذه الفئة بالتخطيط واستيعاب متطلباتهم الترفيهية التي تخاطب هواياتهم.

وحذر جلبان من أن إهمال هذه الشريحة وعدم تقديم بدائل مناسبة لها سيجعل منها شريحة، تعمد مخالفة الأنظمة واختراع الحيل والأساليب الملتوية لتحدي المجتمع بما يؤثر عليه سلباً من ناحية احترام الأنظمة وتطبيقها والحفاظ على مقدرات هذا الوطن.